منتديات الطاهير التربوية والتعليمية
بسم الله الرحمان الرحيم
ِ
مرحبا بك زائرنا الكريم.
منتديات الطاهير التربوية والتعليمية في خدمتكم فهلا تكرمتم بالتسجيل نحن في انتظاركم لنسعد و نحظى معكم بأسعد الأوقات.
منتديات الطاهير التربوية والتعليمية
بسم الله الرحمان الرحيم
ِ
مرحبا بك زائرنا الكريم.
منتديات الطاهير التربوية والتعليمية في خدمتكم فهلا تكرمتم بالتسجيل نحن في انتظاركم لنسعد و نحظى معكم بأسعد الأوقات.
منتديات الطاهير التربوية والتعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الطاهير التربوية والتعليمية

 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
إدارة منتديات الطاهير التربوية والتعليمية تتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات. سبحان الله وبحمده ،  سبحان الله العظيم واستغفر الله


دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
slimane chebbah
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
aya
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
imili
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
nina
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
Dopey1
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
atef
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
مســلم
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
سندس
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
رفيف
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
ninou
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_rcap1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Voting_bar1النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Vote_lcap1 
المصحف الالكتروني

المواضيع الأخيرة
» تيارت بلادي
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالجمعة 28 يوليو 2017, 05:57 من طرف mohamed05

»  قصة الولد البار
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالجمعة 28 يوليو 2017, 05:56 من طرف mohamed05

» أمثلة وحكم
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالجمعة 28 يوليو 2017, 05:55 من طرف mohamed05

» ستحصد ما زرعت!
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالجمعة 28 يوليو 2017, 05:54 من طرف mohamed05

» نصيحة اليوم
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالجمعة 28 يوليو 2017, 05:50 من طرف mohamed05

» اغرب ما فعل الفوتوشوب
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:22 من طرف mohamed05

» اجمل قصور العالم ..... شي خيال
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:18 من طرف mohamed05

» اثاث زجاجي ,,,, ممنوع دخول الأطفال :)
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:14 من طرف mohamed05

» أقدم 10 كائنات على وجه الأرض!
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:11 من طرف mohamed05

» صور الفراشات
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:08 من طرف mohamed05

»  صور طبيعية ر وعة أرجو التثبيت
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:06 من طرف mohamed05

» برج على شكل قطرة مياه في الهند في مدينة مومباي
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:05 من طرف mohamed05

» روبوت المطبخ قد يصبح مصدر ألم حقيقي
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 06:00 من طرف mohamed05

»  هل تستطيع أن تمشي فوق هذا الجسر الزجاجي الشفاف ؟
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 05:54 من طرف mohamed05

» عجائب الحيوانات
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالخميس 27 يوليو 2017, 05:51 من طرف mohamed05

مواضيع مماثلة
سحابة الكلمات الدلالية
الفيزياء الفرنسية كتاب متوسط حلول المالي التسيير


 

 النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
slimane chebbah
عضو سوبر
عضو سوبر
slimane chebbah


نقاط : 8228
السٌّمعَة : 114
الجنس : ذكر
الموقع : http://chebbah-65.newstarforum.net
تاريخ التسجيل : 12/04/2010

النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة Empty
مُساهمةموضوع: النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة   النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 09:10

النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة

تتعرض النظم التربوية إلى موجة واسعة من النقد ومحاولات الإصلاح والتطور، هادفة بذلك إلى عدم التخلف عن مقتضيات المرحلة لأن أي تخلف سيصعب تداركه، وستكون التبعات شاملة لسائر النظم الاجتماعية الأخرى، هكذا يبدو المشهد الذي يصوره الإعلام، ومحاور بعض الندوات والمؤتمرات الوطنية والإقليمية التي توحي استنتاجها بأن المهمة تتجاوز العمل التقني المحدود إلى جوانب تتعلق بغايات التربية نفسها.

تتعرض النظم التربوية إلى موجة واسعة من النقد ومحاولات الإصلاح والتطور، هادفة بذلك إلى عدم التخلف عن مقتضيات المرحلة لأن أي تخلف سيصعب تداركه، وستكون التبعات شاملة لسائر النظم الاجتماعية الأخرى، هكذا يبدو المشهد الذي يصوره الإعلام، ومحاور بعض الندوات والمؤتمرات الوطنية والإقليمية التي توحي استنتاجها بأن المهمة تتجاوز العمل التقني المحدود إلى جوانب تتعلق بغايات التربية نفسها.

وفي الميدان لا نجد لهذه الدعوات والتصورات حيزا واسعا في تطبيق ولا نلتمس تشابها في مستوى التنفيذ بين الأنظمة التربوية القطرية، إذ تظهر كوكبة متقدمة وأخرى متذبذبة بين البدائل والمحاولات تجاهد لبلوغ مستويات إنجاز محترمة وهي تلك التي ترتبط بالعالم الثالث على العموم هذا العالم الذي يقع تحت ضغط التحديات الرأسمالية العالمية الجديدة، وهو لم يفرغ بعد من مسح آثارها التي كرس وجهها الاستعمار القديم بمختلف أشكاله وهكذا تجد هذه الكوكبة من النظم التربوية نفسها محاصرة بين امتدادات الظاهرة الكولونيالية القديمة وثقل مستلزمات العولمة الجديدة وتداعياتها زيادة على القضايا الداخلية الملحة.

في ظل كل هذه العوامل والظروف فإن حركة بدأت تسعى إلى تأمين الحياة لهذه الشعوب بقبول الإندماج الاقتصادي والثقافي في النظام الدولي الجديد، قبول حذر أو تحت الإكراه، غير أن التربية لم تصل حركة عولمتها بعد مستوى ما بلغه الاقتصاد من اندماج في الدورة الاقتصادية الدولية المسطرة، وهي الدورة التي عملت على تبليغها المؤسسات الدولية الفاعلة (منظمات بريتن وودز ومنظمة التجارة الدولية والشركات العابرة للحدود وغيرها) فهل بطء ذلك التغيير يجد تفسيره في الطابع الاجتماعي الثقافي للنظام التربوي أم في طبيعة العولمة ذاتها؟ وفي محاولة تقديم تحليل عن هذه المسألة يستعرض المقال النظام التربوي في الجزائر بتسليط الضوء على مبادئه وأهدافه باعتبار أنها تنعت هويته، غير أن تحديات العولمة تفرض تحركا سياسيا ينطوي تحته عمل تقني لأن المرحلة تستدعي استراتيجية يجب أن يضيق فيها هامش الزلل إلى أبعد الحدود .ومن ثمة يقف المقال عند آثار العولمة على التعليم وما يمكن استخلاصه من نتائج ورسمه للآفاق.

وليس الهدف من كل ذلك سوى إثارة المشكلة وتقديم رؤية حيالها قد تفتح المجال لتهذيبات وإثراءات والشروع في التحرك الذي يستفيد من آثارها بالقدر الذي لا يدخل النظام التربوي جحورا داخلية مظلمة بل لإقامة علاقات متوازنة مع كل المتغيرات العالمية.

إن النظم التعليمية وليدة الظروف الاجتماعية والحضارية التي نشأت فيها، فبعضها نما ببطء، والآخر جاء نتيجة التغيرات الجذرية وبعض منها كان رغبة في الإسراع بعملية التغيير، وآخر كان نتيجة السيطرة الاستعمارية، وفوق ذلك فإن القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية تؤثر بصفة مباشرة في حركة النظم التعليمية وتطورها. وقد حاول الفرنسي(ليفازير)من دراسة العلاقات الإحصائية بين الجوانب الاجتماعية والجوانب التربوية، حيث بحث أثر العامل السياسي على الدين، والعلاقة بين الطابع الديني للدول والعنصر والسلالة والمناخ والتعليم الابتدائي، واهتم الألماني (شنايدر) بالعوامل التي اثرت في نظريات التربية وتطبيقاتها مثل شخصية الأمة، والموقع الجغرافي والثقافة والعلوم الفلسفية والحياة الاقتصادية والسياسية والدين والتاريخ والمؤثرات الإجنبية والتطور الطبيعي للنظم التعليمية، وتوصل (هانز) إلى تأكيد تاثير ثلاثة عوامل على النظم التعليمية هي:

-العوامل الطبيعية: الجنس، اللغة، البيئة بمناخها واقتصادها.

-العوامل الدينية: الكاثوليكية والأنجليكانية، والبيوريتانية.

-العوامل العلمانية: الإنسانية والاشتراكية والقومية.

ومن جهته فإن (مالينوس) بانجلترا يشير إلى أن فكرة النمط والطابع القومي كمحدد للنظام التعليمي، ويعني به أثر الوراثة والبيئة والتراث الاجتماعي في تشكيل شخصية الأمة وهو موقف قريب من رأي(هانز). أما (وابر) فقد أكد على فكرة التقاليد الفلسفية باعتبار أن هناك أنماطا قومية في الفلسفة تؤثر في تحديد النظم القومية للتعليم (1).

هذا يعني أن النظام التعليمي جزء من البناء الاجتماعي الكلي، يتفاعل معه متأثرا به ومؤثرا فيه ويدور حول الأهداف المشتركة للمجتمع، ويقوم بوظيفة سعيها لا يحيد عنها بل صوبها تتبلور أنشطته وتسخر إمكاناته وموارده، وهو إن لم يوفق في ضبط قدراته على الفعل والإنجاز بما يضمن استمرار المجتمع الذي ينتمي إليه وتطوره تلاشت فعالياته، وانتهى به الحال إلى إعادة النظر وإلى صياغات أخرى تلبي حاجة المجتمع، هكذا يظهر أن النظم التربوية نظم اجتماعية تولي عناية فائقة في عالم اليوم، التي صارت فيه التربية ليس مجرد خدمة استهلاكية بل استثمار في الرأس المال البشري، وإنها إحدى أكبر الرهانات التي يجب أن تضبط حركتها على وقع التغيرات العالمية الجديدة وإفرازات الواقع الاجتماعي الداخلي.

وهذا ما يؤكد على أن النظام التربوي نظام اجتماعي، وبهذه الصفة فإنه يمكن أن يتكون من شخصين أو أكثر يتفاعلون بصورة مباشرة في ظروف معينة، ويقع النظام الاجتماعي ضمن حدود طبيعية وإقليمية، ويرتبط أفراده بعلاقات متبادلة ومصالح مشتركة.كذلك فالجماعات الصغيرة والأحزاب والمجتمعات الكبيرة كلها أنظمة اجتماعية(2)

ودراسة النظم من أهم الموضوعات التي يعني بها علم الاجتماع بوصفها أحد أنماط التنظيم الاجتماعي للمجتمع أو الأنساق الكبرى المنظمة للتفاعل الذي هو قاعدة العلاقات الاجتماعية وفي الواقع فإننا لا نجد هذا التحديد الذي نلحقه بكل منها وإنما نصطلح على تسمية أنواع التفاعل الموجهة لغرض معين من الأغراض التي تواجه حياة الإنسان الأساسية وما يتفرع عنها بأسماء محددة تكشف عن طبيعة النشاط الاجتماعي وحدوده.أي أننا نصف العلاقات الاجتماعية على مستوى معين من التجريد، بقصد الدراسة.فلو فحصنا هذه النظم لوجدنا أنها متداخلة تداخلا شديدا (3)

ولأن النظام التربوي برتبط بالنظم الاجتماعية وجب أن نراعي الملاحظتين الأتيتين:

1- الإهتمام بتحديد أهداف التنمية في أي إصلاح تربوي.

2- إن النهوض بالمجتمع لا يكون إلا مصحوبا بالتجديد في ميدان التربية والتعليم (4)

ولعل هذا ما يفسر الحرص الذي توليه الدولة الحديثة والهادف إلى ضمان امتلاكها لناصية العلم والتكنولوجية، وحشد عوامل البقاء والتفوق وتحريكها باتجاه التمكن والمناعة. والنظام التربوي وحدة متكاملة من المكونات يستهدف تحقيق هدف أو أداء وظيفة ما ويتكون من:

*عدد من العناصر المترابطة التي تشكل هيكل النظام موارد بشرية وغير بشرية، مدخلات

* تفاعلات تخضع لقواعد معينة أي الأنشطة أو العمليات.

*هدف أو أهداف عامة وهو ما يتحقق من نواتج (مخرجات)(5) إنه ينظر إلى المخرجات بكثير من الاهتمام، باعتبار أنها تعبر عن المردود التربوي الذي على ضوئه ترسم خطط التعديل والتحسين الهادف إلى تجنب النقائص الملاحظة وتأكيد عوامل النجاح وترقيتها.

والنظام التربوي في الجزائر يأخذ خطه التصوري الايديولوجي من مواثيق الدولة الجزائرية التي أشارت إلى مجموعة من التوجهات التي تحدد مسار التربية الوطنية وتضبط غاياتها.فقد جاء في الميثاق الوطني 1976، أن الثورة الثقافية مقوم رئيسي لمسيرة الثورة الجزائرية وترمي إلى تغير المجتمع وإصلاحه، والتربية باعتبارها حجر الزاوية في ذلك تلعب دور حازما. باتجاه هذا المسعى. إذ تمثل ووظيفتها التعليمية وظيفتها الأساسية لذلك يتعين تجديد قيمها وتصحيح مكانتها ورفع مستوى مناهجها وبرامجـها وكتبـها المدرسية ولتمكينها من أداء المهمة الحضارية المنوطة بها، يتحدث ميثاق 1976 عن ضرورة توفير بعض الشروط التي أهمها:

* تحديث الوسائل التربوية ومكافحة نقص الضمير المهني لدى بعض المعلمين ورفع مستوى تكوينهم الثقافي والتربوي والتشدد في اختيارهم عند التوظيف حتى لا ينخفض مستوى التعليم.

* تمديد فترة الدراسة الأساسية للشباب وفتح مراكز التدريب للذين لم يتمكنوا من متابعة الدراسة الثانوية.

* ضرورة تنظيم البحث التربوي للنهوض بالوظيفة التعليمية والمحتوى التـربوي الذي ترتكز عليه.والتربية في نظر الميثاق الوطني 76 هي القاسم المشترك لمختلف أصناف الثقافة فهي تلتقي مع الايديولوجية و العلوم و الادب والفنون والهوية الوطنية، ومن هذا المنظور يجب أن تكون التعليم العام موحدا وأن يتم إصلاحه وفقا لمعايير واقعية وهذا يقضي على الاختلافات في المحتوى والتوجه والوظائف المعروضة على المتخرجين، والتربية في نظر الميثاق دائما بحاجة إلى صياغة جديدة شاملة وطرائق تربوية متطورة وإلى وحدة وإطارات واختيارات ومبادئ ومحتويات ويتعين أن يكون التعليم جزائريا في برامجه واتجاهاته وذلك بالرجوع إلى المنابع الحية للتراث الشعبي الثري، وتمتين العلاقة بين المدرسة والبيئة الجغرافية والبشرية ومعرفة المحيط والواقع الاجتماعي والتجربة التاريخية والثورية للأمة، لذا فإن النظام التربوي يتجه ليس فقط لتهيئة الفرد للقيام بوظيفة معينة بل لتمكنه من أداء دوره كمواطن واع بمتطلبات الوضع الراهن وباهتمامات شعبه (6)

لذلك ظل الفعل السياسي يرمي إلى المحافظة على المقومات الأساسية للمجتمع الجزائري إلى مرحلة الثمانينات فقد جاء في خطاب رئيس الجمهورية أنذاك ما يؤكد ذلك إذ يقول: " يتعين السعي للحفاظ على المقومات الأساسية، ورفع المستوى الفكري والتقني للمواطنين عن طريق تزويد جميع مؤسساتنا التعليمية والتكوينية من دور الحضانة إلى الجامعات ببرامج تستمد روحها من تاريخنا العريق ومن قيمنا العربية الإسلامية ومن النصوص الأساسية للثورة الاشتراكية " (7)

ولذلك فانه لا يجوز إغفال الجانب التاريخي والروحي والعقائدي في التكوين والاهتمام فقط بالجانب التعليمي الصرف، وعليه فان الجزائر تجعل في المقدمة أهدافها الثقافية السعي إلى تاصيل تاريخ الأمة عن طريق:

* الاستقراء الواعي للتاريخ والاستنطاق العلمي للآثار.

* العناية بالثقافات الشعبية على اختلافها و تبنيها دون أية عقدة.

* احكام تفاعل الشعب مع كل امتدادات تاريخه الحضاري من نضالات الأمازيغ إلى نشــر الإسلام (8)

هذا وأن القضاء على آثار الاستعمار الفرنسي الذي ورثت عنه الجزائر نظاما تربويا لا يستجيب لتطلعات الجماهير، وخصوصا إزالة القيود على اللغة العربية والسعي إلى جزأرة التعليم، وقد أسندت تلك المهام إلى المنظومة التربوية بعد الاستقلال فتعليم العربية وجزارة المضامين في المواد الاجتماعية حظيت –ولازالت -بجهد معتبر.

و"المنظومة التربوية محكوم عليها اذا اريد لها أن لا تنمو على هامش اهتمامات الشعب وواقع الجماهير أن تترجم في بنيانها وفي العقيدة الوطنية بما تشمل عليه من تفسير للكون وتصور للانسان، فمن العقيدة يتالف الإطار المذهبي المتناسق الذي يوجه حركة الثورة "(9)

وتاتي الامرية رقم:76-35 المؤرخة في افريل 1976 المتعلقة بتنظيم التربية والتكوين حاملة للعقيدة الوطنية و الإطار المذهبي للتربية الوطنية، وقد تضمنت الامرية المذكورة، اثنا عشر بابا، وكان الأول منها رسما للتوجه المرغوب بلوغة وتمثل في الآتي:

- تنمية شخصية الأطفال والمواطنين وإعدادهم للعمل و الحياة

- إكتساب المعارف العامة والعلمية والتكنولوجية.

- الاستجابة للتطلعات الشعبية للعدالة والتقدم.

- تنشئة الأجيال على حب الوطن.

ويشير الفصل الأول منها إلى المبادىء التي تقوم عليها التربية في الجزائر, فيذكر العدالة والمساواة بين المواطنين، وتهيئة جو التفاهم و التعاون بين الشعوب وصيانة السلام في العالم وذلك على أساس احترام سيادة الأمم وكذا حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطن ولكون التربية مصلحة عليا من مصالح الأمة، فصلت الأمرية بالتأكيد في المادة الأولى أن التشريع في ميدان التربية والتكوين لا يتكون سوى من إحكام هذا الأمر ومن النصوص التي تتأسس عنه، وفي هذا الفصل إعلان على تجاوز الفترة السابقة التي اتسمت بمحاولات عديدة قلقة.

فمقومات التربية وخطوطها العريضة إذن تنبع من السياسة العامة للدولة، حيث تقوم هذه الأخيرة بتسخير التربية لتحقيق هذه الأهداف، ولما كانت الشخصية الوطنية الجزائرية تقوم على الإسلام عقيدة والعربية لسانا والاشتراكية منهجا كان دور التربية هو تجسيد هذه المبادئ في برامج ومناهج لتكوين الفرد الذي يؤمن بهذه المبادئ ويعمل على تحقيقها.

فالعقيدة الإسلامية من أهم مقومات التربية في الجزائر، وقد سعت الجهات الوصية على نشر تعليم الإسلام في المدرسة الجزائرية، انطلاقا من أن الإسلام هو دين الدولة في الجزائر، وهو الدين الذي يمج الجهل ويحث على العلم ويضع العلماء في موضع الورثة للأنبياء، كما تجد العربية مكانتها باعتبارها لغة القرآن الكريم، ورغم أن التعريب خطا مسيرة معتبرة متجاوزا العراقيل التي يحاول البعض وضعها في طريقه، وفي مسألة النهج الاشتراكي فإن التربية كرست جهدا في تكوين الفرد المؤمن بالمبادئ الاشتراكية والمجالس المنتخبة وتساوي الفرص.(10)

إن تلك الأسس تعبر عن مرحلة زمنية مرت بها الجزائر سادت فيها فلسفة سياسة معينة، وكانت فيها القيادة لحزب واحد هو حزب جبهة التحرير الوطني، واعتمدت فيها الاشتراكية منهجا للتغيير وعرفت فيها نظام الاقتصاد الموجه، وأساليب التعبئة الجماهيرية لجمع الطاقات حتى تلتف حول أهداف كل مخطط، وكانت المدرسة أداة لإعداد المواطن المؤمن بتلك الايديولوجية والحامل لمبادئها، وقد حققت الجزائر كثيرا من الإنجازات والمكاسب في ظل تلك الفلسفة وتحت قيادتها، فتوسعت هياكل الاستقبال وانتشرت المدارس في كل جهات الوطن، وبلغ نجاح ديمقراطية التعليم ومجانيته مداهما، وكان مبدأ إلزامية التعليم واقعا لا شعارا، وعرف نظام التربية ضبطا قانونيا وتنظيميا لا سيما بعد صدور أمرية 16 أفريل 1976، وصار أبناء الفلاحين والعمال والبسطاء من الشعب من رواد الجامعة واعتلى من وصل منهم رتبا أعلى في سلم المسؤوليات.

تلك حقائق ثابتة، إلا أن توسع القاعدة المادية والتطور الكمي في أعداد المتمدرسين لم يكن ليقدر بعد حين على تحقيق الطموح كله، وظهرت الحاجة إلى نوعية المردود التربوي نفسه، وهذا لا يعني أن مخرجات النظام التربوي في تلك المرحلة(حتى 1980) لم تكن في مستوى النوع المرغوب كلها بل كانت منها نخب من المتخرجين ونماذج من المسيرين ذات مستوى عالمي.

وليس حقا إنعات البعض لهذه الفترة بالعقم أو التعسف أو السلطوية، ولا هو بموضوعي من ادعاه رغم أن الفلسفة السياسية التي صنعت للتربية قالبا وصبتها فيه رغبة في تخليق جيل من ذلك القالب لم تكن موفقة لا من حيث بناء التصور النظري، ولا من حيث امتلاك الرهان الذي يجعله واقعا في مسألة التوجيه الاشتراكي الذي لم يجد الإقناع الجماهيري الكافي، وسعى لتشويهه عن قصد أم عن غير قصد رهط كثير، ولعب أصحاب المصالح دور العائق بكل ما أوتوا من قوة حتى لا تؤمم أراضيهم أو أملاكهم، كما ساهم الساهرون على التنفيذ بقسط في تدعيم هذا المسعى، وهكذا ظلت الأخلاق الاشتراكية عبارة مبهمة بل ومخيفة للبعض داخل المؤسسة التربوية فغلبتها " الشعارية" وأدخلتها المعارضة أرشيف التاريخ.

ويأتي دستور1996 ليعلن في المادة53 عن مبادئ عامة للنظام التربوي هي:

- الطابع الإلزامي للتعليم الأساسي لمدة تسع سنوات وللجنسين.

- ضمان حق التعليم ومجانيته.

- التساوي في الالتحاق بالتعليم.

- تكفل الدولة بتنظيم المنظومة التربوية.

وهي مبادئ تقع في خط لا يبتعد عن سابقه بل يكرسه و يكون له امتداد غير أن دستور 1996 كان استجابة للتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي حصلت في البلاد والتي أهمها فتح المجال للتعددية السياسية، والتحول نحو اقتصاد السوق، لذلك فإن نظام التربية مطالب بتزويد الأجيال الصاعدة بالأدوات الفكرية والمهارات والمعارف لضمان الانسجام مع مسيرة المنظومة الاجتماعية والاقتصادية، وباستيعاب التحولات العلمية والتكنولوجية التي تعرف تطورا كبيرا وسريعا.

وتذهب الجهات الرسمية المسؤولة وأمام التحولات السياسية، إلى أنه من المحتوم على المشروع التربوي المستقبلي التكفل بالبعد الديمقراطي وتوعية النشء بأبعاد وحدود وأطر ممارسة الحريات الفردية، ومن ثمة تطرح مشروعا تمهيديا للقانون التوجيهي للتربية الوطنية يرمي إلى:

1- تحقيق المبادئ التي أقرها دستور1996.

2- دعم هذه المكتسبات بركائز جديدة على ضوء ما جاء في برنامج رئيس الجمهورية الذي ألقاه يوم 26 نوفمبر1996 بمناسبة تنصيب المجلس الأعلى للتربية والتي تتمثل على الخصوص في:

- الرفع من مستوى التأطير.

- اعتماد اللغة العربية لغة تدريس في مختلف المستويات.

- ضمان تدريس اللغة الأمازيغية.

- التكفل بتدريس اللغات الأجنبية باعتبارها أداة اتصال واكتساب العلوم والتكنولوجيا.

- فتح المجال للتعليم الخاص في إطار أهداف وبرامج التربية الوطنية.

- تحرير المبادرات بخصوص التأليف وإنتاج الكتب المدرسية والسندات التعليمية.

هذا بالإضافة إلى تعزيز المبادئ الثابتة المتمثلة في:

-البعد الثقافي والحضاري للأمة الجزائرية.

- البعد وطني.

-البعد الديمقراطي.

-البعد العلمي والتكنولوجي.

-العصرنة.

وهذا المشروع في نظر واضعيه سيسمح بـ:

-إنشاء فضاءات وهيئات واطر للتشاور في ميادين التربية (اللجنة الوطنية للمناهج والندوة الوطنية والندوات الجهوية)

- فتح المجال لمختلف المتعاملين والشركاء من عائلات وجماعات محلية ومؤسسات عامة وخاصة وجمعيات مختصة لتمكينها من تقديم الدعم اللازم والضروري للمدرسة.

- استغلال امثل للمؤسسات التعليمية لتنظيم أنشطة تدعيمية وذلك خدمة للمنفعة العامة (11).

وهكذا فإن المادة الثالثة من وثيقة المشروع التمهيدي للقانون التوجيهي للتربية الوطنية تقرر أنه يتعين على المنظومة التربوية أن توفر أفضل الشروط لتحقيق تربية متوازنة تسمح بـ:

- إدراج القيم والمبادئ الإنسانية للإسلام في السلوكات والوضعيات الحياتية العادية.

-التحكم في اللغة الوطنية في وضعيات للتعلم والتواصل والإنتاج.

-تطوير اللغة الأمازيغية والعمل على توسيع تعليمها.

-معرفة التاريخ الوطني وتاريخ الحركة الوطنية في تفاعلاتها مع تاريخ الإنسانية في الدفاع على الحرية وحقوق الإنسان.

- معرفة وتطوير التراث الثقافي الوطني.

-اكتساب تكوين علمي وتقني وتكنولوجي يساعد على تنمية روح الإبداع والتكيف مع التطور المستمر للمعرفة.

-التحكم في اللغات الأجنبية بشكل يسمح بمبادلات واستغلال التوثيق التقني وكذا الاستفادة من منتوج الفكر الإنساني.

-تحقيق تربية متوازنة في مختلف مجالات المعرفة والفنون الرياضية بشكل يسمح بإيقاظ اهتمامات خاصة ذات العلاقة بحاجيات الأفراد والمجتمع.

وإذا كان من السابق لأوانه الحكم على القوة التنظيرية لهذا النص من عدمها في كل بنوده أو في بعضها، فإن ملاحظات هامة تكشفها قراءة له، فقد غابت مصطلحات كانت حاضرة في نص أمرية 16 أفريا 1976، كالاشتراكية وما يرتبط بها من مفاهيم ثورية وبدل ذلك حضرت مفاهيم "المدرسة الخاصة" وتحرير المبادرات في مجال التأليف، والتكفل باللغة الامازيغية وتوسيع تعليمها، وكل تلك المفاهيم كافية للتأشير على مرحلة جديدة مغايرة لسابقتها تمر بها الجزائر، وهي مرحلة مخاض حاسمة في مسيرة منظومة التربية الوطنية، لكنها لم تخلو من رواسب الماضي وتبعاته في الحاضر والمستقبل.

فإلى أي حد كان إمتداد الظاهرة الاستعمارية في نظام التربية الجزائري؟ وما هي الأجنحة التي حاولت أن تجعل منه ميدان منافسة وصراع ؟ ولمن كانت زمام الأمر؟ وإذا أضفنا إلى هذه الحلقة ما تلاها بعد 19 جوان 65، وما نجم عنه من تغيرات تبلورت بشكل واثق وجرئ بصدور أمرية 76-35 في 16 أفريل 1976 المتعلقة بتنظيم التربية والتكوين وما ارتبط بها من نصوص تطبيقية وتنظيمية، تبينت طلعة التأسيس التي نهضت عليها منظومة التربية، غير أن حوادث أكتوبر1988 وبصرف النظر عن العوامل الحقيقية التي أدت إليها مثلت بداية مرحلة مراجعة للنظام التربوي، لكنها اقتصرت على جوانب تقنية وهيكلية ولم ترق حدا إختراق الأسس الفلسفية والمذهبية، ولعل دعوات الإصلاح التربوي ومحاولات تجسيده ظلت تقدم صورة قلقة عن تصور ما يجب أن تكون عليه التربية بل ولا تقدم تشخيصا واحدا، وهو ما يشير إلى استمرار الاختلاف بين القوى الفاعلة حتى بعد تعديل الدستور1989 و1996، رغم أن القناعة بضرورة الانسجام والتكيف إلى طبيعة المرحلة هو راية كل التحليلات إلا أن ترتيب الأولويات وضبط خطة التغيير بقيت شديدة الحساسية، ولم تساعد على رسم حد أدنى مشترك من الاتفاق للخروج من مراوحة المناقشات إلى حيز الأفعال والإنجازات، و هذا يعني أن الاستمرار على هذا النهج في التعاطي مع قضية التربية الوطنية لن يكون في صالحها ولا في صالح البلاد، وقد لا تساعد في التمشي مع متغيرات المرحلة ورهانات العولمة، وطبيعي أن الأزمة الاقتصادية التي تلازم التحول من نظام الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد يعيش مخاضا و ولادة صعبة، يؤثر على التربية و ينعكس على تمويلها وعلى المشروع الذي تمليه المتغيرات الدولية والوطنية، وفوق ذلك فإن التحول إلى التعددية الحزبية وانتهاج ديمقراطية التعدد صار هدفا، فمثل هذه التحولات الكبرى تحتاج إلى غرس ثقافة جديدة وتقاليد اجتماعية تتلاءم معها، وقد أنيط بالمدرسة أداء مهمتها في هدا السياق، وهي مهمة تستوجب تهيئة عديد من الشروط، قد تظل بدونها مجرد طموح.

ورغم أنه ليس هناك دولة تتحكم تماما فيما تصنعه أو تشتريه وأنه لأول مرة في تاريخ البشرية يمكن أن يصنع أي شيء في أي مكان ويباع في كل مكان، ولم تعد الحكومات تتحكم في اقتصادها الوطني حيث أن تنفيذ السياسات الوطنية يعتمد على التعاون مع الشركات والحكومات الأخرى، بل وصارت السيادة الوطنية التي تدافع عنها الدول بالقوة العسكرية قيدا غير مرغوب فيه على حرية الشركات عبر الوطنية و بات على القوى العظمى أن تفكر جيدا في الآثار والنتائج الخطيرة للاستخدام القوى العسكرية خارج حدودها إذا لم تستشر الدول الأخرى. وأكثر من ذلك فإن الحكومات الآن لا يمكن أن تغلق حدودها لمواجهة الأمراض المعدية و المخدرات والإرهاب، كما أن القطاع الخاص أصبح يتحكم في نظم الدعاية بصورة أكبر من أي نظام شمولي عرف على مر التاريخ (12)، إلا أنه يمكن التحرك في الشأن التربوي بمرونة تجمع بين مصلحة البلاد وإمكانياتها وأهدافها ومحاولة الاستفادة من الواقع العالمي في حدود ما.

وفي تدريس العلوم الإنسانية فإن الذي يلفت النظر أن سيولة تدفقها من الغرب بغدق أحيانا قياسا بالعلوم التكنولوجية في النوع والكم يؤشر إلى جهد قصدي يرمي إلى مسح الخصوصية الثقافية للشعوب وكمرحلة تمهيدية التدخل في إعادة ترتيب سلم الاولويات والقيم يجعل منظومة الهويات القومية غير ذات تأثير على المشروع العولمي مع قبولها شكلا في الخطابات العالم ثالثية الموجهة للاستهلاك الداخلي، ولأن المرحلة الحاسمة تكون مع الجيل أو الجيلين القادمين فإن الدور يجب أن يناط بالمؤسسة التعليمية لترويض النفوس وتمرين العقول على قبول المشروع والاندماج فيه بلا ثورة أو مقاومة، فاختراق الحدود الجغرافية يجب حينئذ أن يتلازم مع اختراق الحدود الثقافية ليتم الفتح المنشود، وإذا استعصى النجاح في جهة ولم تفلح الصكوك والدمغات المرفوعة كالديمقراطية، وحقوق الانسان ومحاربة الإرهاب، فإن الفعل العسكري يحل محل الفعل الاقتصادي أو الثقافي إلى حين دخول المقاومة قفصة الطاعة، وإلا كانت إرهابا وتمردا وهيمنة ويكفي الهدف نجاحا تخليق صفوة قيادة تابعة وارساء دعامتها بالتأييد السياسي والمالي والعسكري في حدود يجعلها قادرة على خنق أصوات التحرر.

إن المدرسة الجزائرية بوضعها الراهن تعيش في الحاضر بحوامل الماضي الايديولوجي أي ذلك الذي ارتبط بمرحلة النهج السياسي الاشتراكي. وحينها وبالنظر إلى المتغيرات الزمكانية استطاعت أن تحقق توسعا كميا شمل فئات المجتمع وجهاته ، وتعلن بجرأة عن خطها السياسي، ولعل الاسلوب التعبوي مكن من حشد التأييد الداخلي لا سيما وقد كان مصحوبا بالآثار المادية ممثلة في بناء الهياكل ومجانية التعليم، وكذلك وضع العلاقات الدولية نفسها، إذ كانت الحرب الباردة ملتهبة بين الغرب والشرق وكانت كتلة عدم الانحياز تجد البدائل والاختيارات الممكنة دون الاضطرار إلى تضحيات أليمة.
النظام التربوي في الجزائر ومتغيرات بيئة التحديات:

تشير كثير من الدلائل أن المجتمع الجزائري في العشرية الأخيرة من الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة يعرف تحولات مست جوانب عديدة في السياسة والاقتصاد والتربية، وهي التحولات التي لا زالت قلقة ومحل سجال ان في المجتمع السياسي أو المجتمع المدني، ويمكن كشف مداراتها وملامحها في الخطاب السياسي والإعلامي والتربوي والشعبي، وكل ما يمكن تخريجه منها هي أنها متفقة في وصف الوضع التربوي بالضعيف لكنها تختلف حينما تكون بصدد طرح المشروع البديل الذي يرى فيه كل تصور أنه المنقذ، فهي لا تقدم إجابة واحدة بشأن تساؤلات تتعلق بتكريس البعد الديمقراطي في المنظومة التربوية، وترشد حجم ووجوه الإنفاق العمومي على التربية، وإعادة النظر في المضامين التعليمية وضبط أهداف ومبادئ التربية في الجزائر، ودراسة حوامل تلك الخطابات رغم تنوع فضاءاتها تشير أنها تلتقي في تيارين أساسين لكل منهما موقف ورأي في متغيرات الداخل وتحديات الخارج، ولعل الحديث عن التعليم وضرورة إصلاحه بهذه الحدة يجد تفسيره في ما يعرفه العالم من تغيرات أكثر مما يشهده الوضع الداخلي متململات، فهذه الأخيرة هي بشكل ما استجابة لسابقتها رغبة في عدم التخلف أو التواجد في هامش فاقد القدرة على التحرك الحر أو المناورة.

فأمام التغيرات الكبيرة في الاقتصاد والثقافة بدأ الحديث يدور عن كيف يجب أن يتغير التعليم، وتؤكد بعض الآراء على ضرورة زيادة الوعي بالثقافات الأخرى، ولهذا بدأ الاهتمام بتأثير العولمة على التعليم العالي، وتظهر بعض التقارير كيف أن العمليات العديدة المتضمنة في التكامل الاقتصادي تحت عنوان التصحيح الهيكلي قد أثرت في مدخلات ومخرجات النظم التعليمية، وقد استجابت معظم الحكومات بالضغوط الخارجية لهذا التصحيح، وذلك بخفض الإنفاق على التعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى وهو ما أبان عدم التكافؤ بين الجنسين، كما ساهم ضغط التصحيح الهيكلي في خصخصة التعليم العام، وفي التعليم العالي كان التأثير هو الاتجاه نحو توحيد متطلبات التخصص المهني ومن ثم توحيد المناهج، فالكثير من الاتفاقات في الاتحاد الأوروبي طالبت من المؤسسات أن تسعى من أجل التنسيق للوصول إلى برامج موحدة وأن تعدل من تعريفاتها للمهن التي تقدم من أجلها برامج التدريب، وتسعى الجامعات في أمريكا الشمالية من أجل تسهيل تبادل الطلاب و الخرجين عبر الحدود، وتوجد القليل من البحوث المنشورة التي تقدم تقييما لآثار المباشرة للعولمة على النظم التعليمية، وكثيرا منها في مجال تنفيذ وآثار سياسة الإصلاح التعليمي المرتبطة بالعولمة (13). والواقع أن الحديث عن ما يجب أن تكون عليه المنظومات التربوية القطرية مسألة شائعة التداول، لكن أمام الوضع الذي آل إليه العالم في النواحي الاقتصادية والثقافية صار متميزا من حيث الإحساس بالخطورة وضرورة الحذر وحسن التدبير والسرعة في التحرك ولاشك فإن الظروف الاقتصادية وسوق المهن فتحت المجال للتخصصات العلمية والمهنية أو حثت على البدء في الإعداد لها على الأقل، فالإعلام الآلي والتسيير، والمالية والتجارة والتسويق وإدارة الأعمال صارت مطلوبة، ولذلك فإن المؤسسات التعليمية تتحرك باتجاه الاستجابة لهذا الواقع وتبحث عن إمكاناتها للبقاء وضمان النجاعة والفعالية، وفي الجزائر يجري العمل على هذا النحو، ولكن بشكل بطئ، فلا زالت نفس منظومة التشريع المدرسي من روح المرحلة السابقة ولا زال التكوين والتعليم بحاجة إلى كفاءات وموارد تجعله، قادرا على دخول المرحلة بكفاءة ونجاح، غير أن الوعي الاجتماعي والاهتمام الرسمي يعطيان الدليل على إدارة العمل وبالتالي تجاوز النقائص والمحافظة على المشروعية الأكاديمية للتربية الوطنية.

إن التحليل الذي قدمه "لويس راتينوف" Luis Rtinof (ثقافة العولمة) وعلاقتها بالتعليم يؤكد على أساسين جديرين بالنظر:

الأول: هو تأكيده على الثورات الاجتماعية بعيدة المدى والتي تعد سمة من سمات عصرنا، وعلى ما ينشأ عنها من اضطراب عالمي إذ يشير بأن أي شيء قد يحدث ومن هنا تنشأ مشكلات فقد الهوية للأفراد والجماعات، ومشكلات أخرى أكثر حدة تتعلق بتحقيق التكامل الاجتماعي وسط مناخ من عدم الأمن والنزعة الفردية والفقر المتزايد.

والثاني: يتعلق بامكانية تقديم التعليم أو القدرة على التعليم، في مثل هذا الجو من الشك والمعالجة قصيرة الأمد، في حين أن التعليم عملية تقدير طويلة الأمد للإحتمالات المستقبلية.

ويلتقى التصور ان في توضيحهما أن العلاقة بين العولمة وآفاق التعليم إنما هي علاقة تمثل مشكلة حادة، ذلك لأن العولمة الآن شبيهة بعربة بدون فرامل، وليس كافيا أن نوصي المجتمعات بوجوب التكيف معها ومن ثم تدبير عملية لعوملة التنمية وكأن القرارات الاصلية التي أوجدتها العولمة قرارات نهائية لا يمكن تغيرها على الإطلاق وهكذا فإن العمل الاجتماعي المنشود ليس فكريا( فلسفيا أو فنيا) فقط بل عمل سياسي أيضا وهذا يتطلب تعلم كيفية التفكير بطريقة سياسية أي امتلاك القدرة على تبني آراء عالمية والإنفتاح على المفاوضات والتصالحات. الضرورية فضلا على امتلاك القدرة على إتخاذ القرارات، غير أن هذا المدخل يتطلب وجود قاعدة اجتماعية والوعي الجماعي والتدريب التدريجي على المهام الكثيرة اللازمة للاستجابة لهذه المشكلات، وتلك بلا شك مهمة معقدة، يشكل فيها التعليم اولوية على ما عداه(14).

وبناءا على ما تقدم فإن بناء أو إعادة بناء النظم التربوية القطرية لا يمكنه ضمان قدر كاف من النجاح إذا كان مجرد استجابة انفعالية سريعة، في شكل إحداث تغيير فوقي بنص قانوني آمر أو ناه، بل الثابت أن العمل يستوجب أن ينهض على رؤية مستقبلية بعيدة عن التخمين، ومؤسسة على ضبط معالم مؤكدة بالاعتماد على الامكانات الذاتية بالأساس، وهذا عمل ليس تنظيما أو فنيا أو فلسفيا بل يضم كل تلك الأبعاد منطوية تحت تفكير سياسي وجماهيري قادر على قيادة الآلة الدبلوماسية بمورنة ودهاء، غير أن هذا النوع من الرشاد السياسي ليس قضية نخبة بل قضية المجتمع بأسره والبين أنه ليس كل الأقطار على هذا القدر من الالتحام. بين الجماهير والقيادات، ولا على نفس درجة ثقة الشعوب في حكوماتها، كما أنها ليست على نفس الحظ من العلم والوعي لذلك فإنها لا تستجيب بنفس الطريقة فالمتخلف منها إنفعالي والمتقدم منها فعال، تلك المقولة عامة تشد عنها بلدان هنا وهناك لكن البلدان النامية تضل الأسوأ حالا في ظل ما تفرضه الظاهرة الدولية الجديدة(العولمة).

وفي الجزائر فإن المشهد الذي عليه المنظومة التربوية الوطنية ينطلق من أساس تجمع عليه الخطابات ان في الجهة الرسمية أو في الجهات الأخرى في المجتمع السياسي أو المدني، ولعل اللغة التي تجهر بها تلك الخطابات وان تبنت مفاهيم مشتركة فإنها لا تعطيها مدلولات موحدة دائمة، وهي فضفضة قد يقصد بها كسب الرأي العام لاسيما في المرحلة الانتقالية التي يعرفها المجتمع الجزائري، فرغم التأكيد على المبادئ المسيطرة للنظام التعليمي وهي:

* اثبات الهوية الشخصية الجزائرية، من خلال دعم مؤسسات التعليم لتلعب دورها في الحاضر والمستقبل.

* جزأرة الاطارات وخاصة في مجال التعليم.

* تعريب التعليم والانفتاح على اللغات الأجنبية.

* ديمقراطية التعليم والعمل على تحقيق العدل الاجتماعي في التمدرس والتكوين بين كل أبناء الأمة الجزائرية.

* الاتجاه العلمي والتقني والابداعي في التعليم (15)

فرغم الجهر بتلك المبادئ إلا أن مسألة الهوية في منظومة التربية من خلال مواد التربية الاجتماعية والمدنية تحاول أن تتكيف إلى المنظور الدستوري الجديد، وكذا فإن الجزأرة تعرف جدلا اعتبارا من أن الكفاءة ليست هي الجنسية في التعليم و لا شهادة الميلاد، ووضع تعليم اللغات الأجنبية يعرف تعزيزا ضمن سلسلة من الإصلاحات الجزئية وتحسين وضع الفرنسية في المدرسة يبدو أنه يحظى بالأولوية في الرعاية، ويعود الحديث عن العربية في المدرسة إلى المربع الأول مرة أخرى وتتصاعد الدعوة إلى إنعات العربية بالضعف عن استيعاب نتائج العلم والتكنولوجية، وفي شأن ديمقراطية التعليم تظهر الصورة في محاولة الخصخصة والسكوت الرسمي على المبادات اللاقانونية في هذا الشأن، وكأن الرغبة هي أن يوضع الكل أمام الأمر الواقع ثم ما يلبثوا أن يقبلوه، وهو ما يفسح المجال لتشريع يزكيه لاحقا، وإذا كان الخلاف عن التوجه العلمي والتكنولوجي من حيث المبدأ غير قائم فانه ينشب في المسائل المتعلقة بمستوى التعليم التكنولوجي وبعلاقته بسوق العمل وبظاهرة العزوف عن قبول التوجه إليه من قبل التلاميذ والأولياء.

وتحفل هذه الأيام بالكثير من التجارب الهامة في التعليم، بعضها يرتبط بالشكل الجديد بالرأسمالية التي تم تسويتها فيما بعد بالعولمة، وهي الظاهرة التي ينظر إليها على أنها من دواعي القلق أو أنها من تعد بمستقبل وردي. لكن يتفق الرأيان من أنه لا بد من التغير ويأتي إصلاح التعليم من نظري أو تطبيقي وكله هدف في سبيل تحسين المنافسة العالمية، ولذلك ترتفع الدعوى إلى التربويين للعمل على تقنين إمكانات السلام والعدل العالمي، إن الموجة الحالية للتكامل الاقتصادي بدأت على الأقل منذ الستينات، إلا أنه وبعد أربعين عاما من التأكيد المستمر على التكامل الاقتصادي لا يوجد نظام تربوي وطني يختلف كثيرا عن ما كان عليه منذ خمسين عاما. ويبدو أن تأثير الموجة الحديثة للعولمة يعتبر ضعيفا على محتوى نظم التعليم الوطنية مقارنة بالتغيرات الهائلة التي تحدث في قطاعات أخرى. وهكذا يظهر أن غياب التغيير المتقن في النظم التعليمية يمثل تحديات لفهمنا للعولمة (16). وحقيقة فإن النظم التعليمية لم تواكب حركة التغيير التي حدثت على العالم بدءا بالتسعينات، ولعله يفيد أن نتساءل فيما إذا كانت أسباب ذلك هو قصد من (كبار هذا العالم) خوفا من أن تطور النظم التربوية القطرية باتجاه العلوم والتكنولوجيا والإنتاج سيفقدها مكانتها التاريخية في العالم أم أنه غفلة وقلة حيلة ونقص الإمكانات عند تلك الأقطار؟

ولو تساءلنا عما فعلته الأقطار العربية باعتبارها المستهدف الأساسي لهذا النظام الدولي الجديد؟ لأدركنا حالة من التجزيء وفقدان الذات لا يعطي لبعض الدعوات سوى قوة معنوية قليلة الأثر الفعلي، فماذا أعددنا للقرن الجديد في ضوء قرن مضى كان واقعه في بعض جوانبه مرا أليما؟

ألم يجمع الغرب كيده؟ فأثار الحروب، وزكى الفتن الساخنة فكانت المقابر الجماعية تحفر للمسلمين المسالمين في أوروبا؟ إن التربية تعاني في نهاية القرن العشرين من نظريات مدسوسة ومذاهب مغروسة وأفكار مسمومة أعدت للأمة العربية الإسلامية، هذا و يتزاحم البعض على تبني تلك النظريات التي بدخولها إلى المجتمع توضع أمامه المتاهات ويتعرض للعثرات.

وإذا كان الكل ينادي بالعولمة فإن المحافظة على الشخصية مطلوبة والاحتفاظ بالهوية العربية الإسلامية أشد طلبا، إنا في حاجة إلى نظرية تربوية شاملة وعاجلة توحد القصد وتبلور الاتجاه، فالتربية بكل مفكريها وكليات التربية بكل أقسامها مطالبة بالتفكير بتلك النظرية. لاسيما وأنه يترد أن لدى البنتاجون الأمريكي نظرية أسموها "نزاعات الحدة" Lower intensity (مهمتها تغذية النزاعات العرقية وتنمية الصراعات الحربية في الخليج العربي وكل العالم) لأن الحروب الإقليمية لها غاية والخلافات العربية مطلب وغاية (17). وإذا كان الدلائل تشير أن العولمة هي صناعة غربية وأن الدائرة العربية الإسلامية مستهدفة، ومطلوبة ترويضها وتطويعها، فإن العمل العربي والإسلامي المشترك لا يزال حبيس صالون الاجتماعات ورهين اللوائح والتوصيات ويدخل كل قطر في المواجهة فردا فلا يكون في غالب الأحيان سوى مفاوضا ضعيفا غير أن جهودا تبذل لكنها تبقى بلا تأثير كبير.

في الثمانينات واجهت المنطقة العربية مشكلات حتمت بذل المزيد من الجهد لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فشهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة وأصاب الجفاف والمجاعة بعض الدول وعانت أخرى من البطالة والنزاعات الداخلية والخارجية، وأدت الأحداث في المنطقة العربية في عامي 1990 و 1991 إلى زيادة الطلب على الإصلاح والإعمار وسلطت مزيدا من الأضواء على الدور الأساسي للتعليم في تعزيز ثقافة السلام، ولابد من سياسات تعليمية تتسم بالمزيد من التناسق والتفاهم والتكامل إذا أريد مواجهة التحديات القرن الحادي والعشرين بقدر ملائم من الاستعداد وهذا استخلاص جدير بالاحترام ويعكس قناعة مشتركة بضرورة العمل بانسجام والتكامل لما فيه من ضمان للنظم التعليمية العربية ولكن أن تبقى هذه الصناعات قاصرة على وثائق الاجتماعات والمؤتمرات فذلك ما يؤكد أنها لن تحقق مصلحة ولن تدرأ مفسدة.

فقد نظمت اليونسكو في الستينات والسبعينات أربع مؤتمرات لوزراء التربية والوزراء المسؤولين على التخطيط الاقتصادي في الدول العربية اهتمت باستعراض الأوضاع والمشكلات المشتركة والعمل على زيادة الوعي بدو التربية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتشديد على دور التخطيط في هذا المجال وعني المؤتمر الأول(بيروت1960) بالتخطيط التربوي أساسا وبحث المؤتمر الثاني(طرابلس 1966) أهداف التربية من حيث علاقتها بأولويات التنمية الاجتماعية الاقتصادية مع التركيز على محاربة الأمية وضمان جودة التعليم، واهتم المؤتمر الثالث(مراكش1970) بإدماج الخطط التربوية في إطار خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأمين التوليفة المناسبة بين مختلف مكونات النظام التعليم، أما المؤتمر الرابع(أبوظبي1977) فقد استعرض تطور الاتجاهات واستراتيجيات تطوير التربية منذ مؤتمر بيروت، مع التركيز على دور التربية في التأمينات العالمية الكاملة والمنتجة و توفير التعليم من أجل التنمية الريفية وإعادة تنظيم النظم التعليمية وتحقيق ديمقراطية التعليم ونوقش موضوع تعليم الأطفال الفلسطينيين في المؤتمرات الأربعة، وكانت توصيات مؤتمر أبو ظبي في معظمها تكرار لتوصيات المؤتمرات(18).

والتجربة الجزائرية في ميدان التربية والتعليم ثرية وأكدت في كل مرحلة أنها قادرة على التمنع من المثبطات الكبرى وبذلك استطاعت أن تجد مكانا لها في العالم، لكن هذا لا يعني أن مقدار النجاح كان في مستوى الإمكانيات أو في مستوى الطموحات لذلك تجري الحديث عن الإصلاح التربوي مؤخرا بكثير من الاهتمام.
خلاصة:

إن التحديات التي يفرزها الواقع في الداخل والخارج يفرض رسم إستراتجية قادرة على تحقيق أهداف المجتمع من التربية بالشكل الذي يضمن حصانة هويته وتأمين مكانة له بين المجتمعات الأخرى، وتلك الإستراتجية تتطلب عملا مزدوجا: سياسيا وفنيا، فأما السياسي فهو شأن يتعلق بصاحب القرار وبكتل المعارضة سواء بسواء، ويظهر أن الحاجة إلى التجرد من الرؤية الحزبية المحدودة سبيل إلى إيجاد أرضية يمكن أن تكون قاعدة مذهبية للتربية شريطة أن تتأسس من قناعة اجتماعية لا من صناعة» نخبة « تصادر أهلية أهم طرف في المعادلة، ويكون مفيدا في هذا السياق للأجهزة الرسمية أن تلتزم منهج الإصغاء في مرحلة التشخيص على الأقل.

وأما الشق الفني، فيجب أن يترك لأهل الاختصاص حرية البحث العلمي من غير شروط مسبقة، ولا يكون سوى بناءّ من هذه الوجهة الاستفادة من الخبرة الإنسانية أينما تبينت بالدليل إمكانية تلك الاستفادة.

وفي كلا المنحيين وجب أن ينظر إلى التعليم على أنه ظاهرة دينامية أو عملية تغيير اجتماعي ثقافي، فالأجيال التي تعدها المدرسة الجزائرية إنما تعد لواقع غير واقعنا، واقع يتسم بتنافس شرس لأجل البقاء، بدأت خيوطه ترتسم في عصر العولمة، وعلى رأي محمد عابد الجابري فإن أمة الغد هي (أمة السبرنتيك)، وهي التي لا يعرف ولا يعترف أبناؤها بالعناصر التي تحدد بها الهوية في العالم التقليدي كالوطن والانتماء العرقي، الدين والانتماء الجغرافي، وهذه الرؤية تؤكد على نهاية دور الدولة المحددة للهوية وكمصدر للسلطة القانونية(19)، ورغم أن هذا المشهد هو الذي تحاول صنعه أدوات العولمة إلا أن هامشا يظل مفتوحا للقيادات الوطنية، تستطيع من خلاله تقرير المضمون الاجتماعي للتربية خصوصا إذا كانت مؤيدة جماهيريا وصاحبة مشروع حضاري حقيقي، ومثل هذا الإمكان على الفعل مشروع طالما أنه لا ينكمش على الذات ويرفض التفتح على الآخر في إطار تفاعل إيجابي، وبعيدا عن عقدة المغلوب الذي يصفه ابن خلدون بأنه أبدا مولع بإتباع الغالب لذلك فإن مراعاة الواقع الاجتماعي ومستوجبات الاتجاه التنموي في الجزائر وفق سياسة تربوية عمل من شأنه أن لا يقعد التربية والتعليم والمدرس على هامش الحياة في داخل الوطن وفي خارجه، وإستراتجية من هذه الطبيعة سوف تجعل المدرسة تؤدي الدور الاجتماعي والعلمي ضمن دورة حيوية التحرك الوطني العام، ولا يكون إغفال هذه المعادلة سوى خسران عامل من عوامل النجاح.

ويعتبر الحقل الثقافي من أهم الحقول المتأثرة بالمتغيرات والتحولات الدولية الراهنة خصوصا في مستوى اشتداد الصراع الثقافي، وسيادة الثقافة العالمية في جميع الميادين، والتحدي الكبير التي سيواجه العالم في السنوات القادمة هو تحد ثقافي بالأساس(20).

إن المنظومة التربوية في الجزائر في هذه المرحلة المفصلية تواجه جبهتين في الآن ذاته، فهي في مستوى المجتمع مكلفة بتوفير التعليم لأبناء الوطن الذين بلغوا سن التمدرس وهذا الهدف تحاصره مجموعة من المعوقات المرتبطة بحالة الاقتصاد الوطني، الذي يعرف أزمة تحول، ويحاول أن يتكيف إلى شروط الاقتصاد الدولي، وما يرتبط بشبكة المنشآت والهياكل، وغيرها من القضايا ذات "العلاقة "، وفوق ذلك عاصفة تخريب المنشآت التعليمية في العشرية السابقة، مع تلك الظروف المادية هناك تعددية في النظر إلى التربية من الناحية السياسية يسري مفعولها بشكل لا رسمي في الفعل التعليمي التعلمي وهو ما أدى إلى تقويض المربع البيداغوجي لدور المدرسة، وأما في المستوى العالمي فإن التنافس في مجال التعليم شرس في إنتاج المعرفة أو في استهلاكها وتطبيقاتها.

والواجب حينئذ أن تدخل أي إستراتجية لمنظومة التربية في حسابها التأثيرات التي تقابل التربية في المستقبل، وهي تتمثل، حسب إبراهيم ناصر، في الزيادة الكبيرة في عدد التلاميذ المتمدرسين وارتفاع عدد الذين يحتاجون منهم إلى لا عناية، والتفجر المعرفي، الذي يشهد تطورا سريعا، وتراكما للمعلومات وتشعبا للمعارف وازدياد للتخصصات، وفي كثرة التخصصات واتساع المجالات وضرورة التأهيل المناسب لكل معرفة على حدى مما يجعل التعليم فرديا حسب قدرات واستعدادات ومجال تخصص كل فرد (21).

لقد ثبت أن النظام التربوي يمارس دورا حضاريا في المجتمع الذي ينتمي إليه وهو لذلك إن حظي بالرعاية فإن النتائج التي تتأدى منه ستكون نواتج أو مخرجات فاعلة وإن همش فإن أخطر مكون في أي معادلة اجتماعية يبعد من المسرح الحي للحياة الاجتماعية ولا ينتج من ذلك سوى تنمية للتخلف بكل مظاهره والجزائر التي تعرضت إلى سياسة استعمارية طويلة ومريرة ورثت إفرازات منها بعد نيلها استقلالها، لكنها ما فتأت تعمل على تأصيل نظامها التربوي وتحديثه وبذلت في سبيل ذلك جهودا كبيرة وحققت نتائج لا يستهان بها، وهي في ألفية أخرى من الزمن وفي ظل مرحلة حاسمة تمر بها أمام ضرورة استيعاب روح العصر من جهة وأزمة متعددة الجوانب تعصف بها من جهة أخرى، ملزمة بإيجاد التوازن الذي يضمن لها البقاء والاستقرار ضمن ديناميكية تجعل نظام ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://chebbah-65.newstarforum.net
 
النظام التعليمي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  قوانين النظام الداخلي لمواجهة الاشهار
» بحث حول موضوع العولمة
» النظام العالمي الجديد والقطبية الواحدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الطاهير التربوية والتعليمية  :: قسم الترية و التعليم :: منتدى النقابات-
انتقل الى: